الطاهر ساتي يكتب : *ما فات شئ*
الطاهر ساتي يكتب :
*ما فات شئ*
:: يوليو ٢٠٢٤، بمؤتمر القاهرة، لم تتفق القوى السياسية على البيان الختامي، إذ تمسكت القوى الوطنية بإدانة جرائم مليشيا آل دقلو، فيما تمسكت أحزاب الإمارات بإدانة ما أسمتها بجرائم الجيش مقابل تلك الإدانة..وهم يتساجلون، رأيت حمدوك يجلس بعيداً و صامتاً، فقلت – لمن حولي – لعلّه يبتهل سراً : ( أللهم أنصر أحزاب الإمارات بأحد المباركين، مبارك الفاضل أو مبارك أردول )..!!
:: كلاهما – مبارك الفاضل و مبارك أردول – وقّع على البيان مع أحزاب الامارات، ولكن عاد أردول سريعاً الى حضن الشعب داعماً للجيش في معركة المصير، تاركاً مبارك الفاضل يتخبط هناك منذ يوم ذاك التوقيع إلى يومنا هذا ..واليوم يبدو حال مبارك الفاضل – مع أحزاب الامارات – كمن يشارك لصوصاً في سرقة أموال والده، بحيث يحتقره اللصوص و لا يرضى عنه والده ..!!
:: و بالقمة العربية الأخيرة بالعراق، عندما طالب وفد الحكومة الدول العربية بالمساهمة في إعمار السودان، استنكر مبارك الفاضل الطلب، ثم تساءل عن مصير ( 7 مليارات دولار)، زاعماً بانها عائد الذهب، وكأنه أراد أن يقول للعرب : ( ما تساهموا، عندهم ٧ مليار)..و سؤال مبارك عن مصير عائد الذهب يُعيد الى الذاكرة ما نُسب لعوض الجاز عندما سأله عن مصير عائد البترول، بحيث أجابه : ( بنشتري بيهو الزيك)..!!
:: وبالمناسبة، نفى عوض الجاز هذا الحدث عندما ما سألته، وهذا التوضيح من حقوق مبارك عليّ، إذ لست من الناكرين للحقائق و الجاحدين للحقوق كما يفعل سيادته ..فالحكاية كذبة، ولكن واقع الحال آنذاك كان متسقاً مع الحكاية، لأن المؤتمر الوطني أفسد الحياة السياسية بالرشاوي وشراء المواقف، و ما فعل ذلك إلا لوفرة المواقف القابلة للبيع لحد الكساد..!!
:: و ليس وحده، فالإنقاذ اشترت الكثير – من الكانوا عاملين فيها مناضلين – بمناصب وزارية ومقاعد برلمانية و مربعات الذهب و سيخ جياد و غيره .. بدأ مبارك مسيرته مع الكيزان مساعداً للبشير ثم وزيراً للاستثمار و نائباً لرئيس الوزراء حتى يوم سقوط حكومة الكيزان، وبعده أصبح مناضلاً جسوراً ضد الكيزان.. ولولا الثورة لكان مبارك اليوم منافساً لأحمد هارون في رئاسة حزب الكيزان..!!
:: شاهدت صاحب المواقف الحربائية – بقناة الجزيرة- يبرئ الإمارات، و يُبرر إستهداف محطات الكهرباء و الوقود وغيرها من مرافق الشعب، وذلك بقوله أن إسرائيل هي التي تفعل ذلك لوجود إيرانيين مع الجيش..فالرجل هنا يتودد للإمارات و إسرائيل بكذبة وجود الإيرانيين، وليس في الأمر عجب، فقديماً تودد لأمريكا – بعد قصفها لمصنع الشفاء – بكذبة انتاج السلاح الكيماوي..!!
:: ثم شجب مبارك تعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء، لا رافضاً كامل في حد ذاته، بل لأن التعيين جاء على أرضية (وضع شمولي)، و أن الوثيقة الدستورية معتلة، حسب قوله .. ويتناسى أن البرهان كلفّه مع آخرين قبل أشهر بإعداد تصوّر لحكومة المرحلة، و أعدوه و سلموه لمالك عقار مع مقترح أن يكون مبارك الفاضل رئيساً للوزراء، فرمى عقار التصوّر و الاقتراح في سلة التجاهل ثم المهملات لاحقاً..!!
:: لقد أخطأ البرهان، فبدلاً عن كامل إدريس، كان عليه تعيين مبارك الفاضل رئيساً للوزراء.. ولو فعل ذلك، لكانت الحكومة ديمقراطية، و الوثيقة الدستورية شرعية، و المسيّرات إماراتية و مُدانة.. و ( ما فات شئ)، عِوضاً عن رئاسة مجلس الوزراء، أمنحوه مربع ذهب في نهر النيل، لتصبح إيران أحبّ إليه من أُمدرمان ..!!