منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

زاوية خاصة *الإنقاذ في ذكراها حين تذكرنا الأيام من خسرنا* نايلة علي محمد الخليفة

0

زاوية خاصة

*الإنقاذ في ذكراها حين تذكرنا الأيام من خسرنا*

نايلة علي محمد الخليفة

علم السودان

في مثل هذا اليوم الثلاثين من يونيو من كل عام، تعود إلى الأذهان ذكرى حكومة الإنقاذ الوطني التي حكمت السودان على مدار ثلاثة عقود ، وسط جدل لا ينتهي بين مؤيد ومعارض، وبين من يرى في التجربة محنة وطنية، وآخرين يرونها مرحلة ذهبية نادرة في تاريخ السودان الحديث، خاصة عند مقارنتها بالحكومات التي سبقتها أو تلك التي تلتها بعد سقوطها في أبريل 2019.

حكومة الإنقاذ بقيادة المشير عمر حسن أحمد البشير واركان سلمه ، جاءت في وقت كان السودان فيه على حافة الانهيار ، ولكنها سرعان ما بدأت ببسط هيبة الدولة، وتحقيق الاستقرار الأمني، وفتح مشاريع استراتيجية كبرى لا تزال شاهدة على تلك المرحلة ، من أبرز تلك الإنجازات البنية التحتية التي مازالت تقف شاهداً لتلك الحقبة، شق الطرق وتوسيع شبكات الكهرباء والمياه، خصوصاً في مناطق كانت مهمشة عقوداً، نهضة التعليم العالي حيث توسعت الجامعات، ووُفرت فرص التعليم بشكل غير مسبوق، رغم ما يُقال عن نوعية المخرجات، مشروع سد مروي كأحد أضخم المشاريع التنموية في السودان، وفر الكهرباء لكثير من الولايات، وكان خطوة مهمة نحو التنمية المستدامة، الاكتفاء الذاتي في بعض القطاعات الزراعية لا سيما القمح والذرة خلال فترات معينة، وبسط الأمن والاستقرار، فرغم الحروب الداخلية، نجحت حكومة الإنقاذ، في فترات مختلفة، في توقيع اتفاقات سلام، وكان الشارع السوداني يتمتع بقدر كبير من الأمان في الحياة.

ولا يمكن الحديث عن تلك المرحلة دون الإشارة إلى رجال الإنقاذ أنفسهم، الذين مثّلوا طيفاً من الهيبة والمكانة الاجتماعية البارزة في المجتمع. وزراء الإنقاذ، بكاريزما حضورهم وقوة أدائهم، كانوا شخصيات معروفة ومؤثرة، حتى باتوا يُعاملون كنجوم في الأوساط السياسية والاجتماعية، سواء اتفق الناس معهم أو اختلفوا ، وكان لأسمائهم وقع خاص في الشارع السوداني، على عكس ما نشهده اليوم من ضبابية وضعف في الحضور السياسي والشعبي لوزراء ما بعد الإنقاذ، الذين لا تكاد تُعرف أسماؤهم، ولا يُذكر لهم أثر.

عند مقارنة ما تحقق في عهد الإنقاذ، وما آل إليه حال البلاد بعد سقوطها، تبدو المقارنة موجعة والفرق جلياً لا لبس فيه، فالحكومات التي أعقبتها عجزت عن كبح الانهيار الشامل في الاقتصاد، وتفاقم الوضع الأمني، وبلغت حالة الاستقطاب السياسي ذروتها، تفككت أجهزة الدولة، واندلعت الحرب بين الجيش ومليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة، وهي حرب ما كانت لتقع لو كانت مؤسسات الإنقاذ لا تزال ممسكة بزمام الأمور.

أما الحكومات السابقة لحكومة الإنقاذ، فقد عانت هي الأخرى من الانقلابات وعدم الاستقرار السياسي وتدهور الاقتصاد، ولم تستطع بناء مؤسسات قوية تحفظ الدولة من الانهيار، أو تضع لبنة لمشروع وطني جامع كما فعلت الإنقاذ ولو في الحد الأدنى.

الحقيقة التي تُقال اليوم، وبعد مرور أكثر من ست سنوات على سقوط الإنقاذ، يتساءل كثير من السودانيين في حزن هل كنا نظلم الإنقاذ حين خرجنا عليها؟ هل خدعنا الحالمون بشعارات المدنية والديمقراطية دون برامج واضحة أو قدرة على إدارة دولة معقدة كالسودان؟ إن الواقع المأساوي الذي تعيشه البلاد اليوم، من فقدان للأمن، وندرة في الغذاء والدواء، وتعطل في مؤسسات الدولة، وتشظي مجتمعي مرير، يدفع شرائح واسعة من الشعب السوداني لأن تنظر إلى الوراء بندم، وتتمتم في سرّها وتجهر بقولها: ليت الإنقاذ بقيت.

فليست الدعوة هنا تمجيداً مطلقاً أو تجاهلاً للأخطاء التي وقعت فيها حكومة الإنقاذ، ولكنها دعوة للإنصاف، ولإعادة قراءة التجربة بعيون الواقع لا أوهام الثورات ، قد تكون الإنقاذ رحلت، لكن آثارها لا تزال ماثلة، شاء البعض أم أبى، ويظل السؤال قائمًا هل السودان اليوم أفضل مما كان عليه قبل سقوطها؟… لنا عودة.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.