*إلى من يطالب أهل السودان الجائعين المنكوبين، العائدين من النار… بالصمت!* *كوداويات* ✍️ محمد بلال كوداوي
*إلى من يطالب أهل السودان الجائعين المنكوبين، العائدين من النار… بالصمت!*
*كوداويات*
✍️ محمد بلال كوداوي
كفى!
كفى تسويقًا لوهم الصبر الكاذب… وكأن الصبر يعني الرضا بالذل أو السكوت على المهانة!
ألا يكفي هذا الشعب أنه قُتل وشُرّد؟
أن نساؤه اغتُصبن ورجاله شُرِّدوا من المدن إلى الخلاء، ومن الديار إلى الخيام؟
أن بيوته سُرقت أمام عينيه؟
أن رواتبه نُهبت، ومدخراته ابتلعها اللصوص وقُوت أطفاله اختطفته مليشيا الجنجويد ومع ذلك لم يرفع سلاحًا بل رفع أكفّ الضراعة؟!
(*أفمن يملك هذه العزة يُلام؟ أفمن تكسّرت أضلعه في الزلزال يُعاتب على صراخه؟!)*
أتريدون منه أن يعود إلى وطنٍ لم يجد فيه حتى “زير ماء”، ثم يُقال له:
“ابتسم، واصمت وكن بلسماً؟”
أما سمعتم قول الله تعالى:
﴿*ولا تَهِنوا ولا تَحزنوا وأنتم الأعلَون إن كنتم مؤمنين*﴾
وهل الوهن أن يصرخ الإنسان من الجرح؟
وهل الحزن جريمة إن لم نجد عدلًا يَجْبُره؟!
وهل نسيتم أن نبيّنا ﷺ لم يُؤمر بالصمت في وجه الظلم بل صرخ في وجهه وقال:
“أفضل الجهاد كلمةُ حقٍّ عند سلطانٍ جائر”
فكيف بمن يقول كلمة حق عند بلدٍ مسروق وحكومةٍ غائبة ومليشيا تذبح بلا رقيب؟!
يا من تُطالبون العائدين بأن يدفنوا آهاتهم في التراب
اعلموا أن السكوت على الظلم ليس فضيلة بل خيانة.
وأننا لن نغسل وجوهنا بالتراب ونبتسم في وجه من اغتصب الأرض والعرض وسرق قوت المساكين.
هذا الوطن لا يُبنى بالأغاني ولا بالخُطَب الوردية بل بالبكاء الصادق على الخراب وبالاعتراف أن البلد “تعبان”… نعم، تعبان ومنهك ويتنفس بصعوبة .
لكن ما زال فيه قلوب تنبض وسواعد تقاتل من أجل كسرة خبز وأرواح لا تموت!
لا تطلبوا من العائدين أن يكونوا بلسمًا
بل اسألوهم: ما الذي فعلناه لأجلكم؟
هل استقبلكم أحد؟
هل وجدتم بيوتكم؟
هل وجدتم مقتنياتكم؟
هل وجدتم سياراتكم ؟
هل وجدتم أبسط مقومات الحياة الماء والكهرباء ؟
هل سلَّمكم أحد مفاتيح العودة؟
أم أنكم عدتم إلى اللامكان؟
نقولها بملء الفم:
من لم يكن مع هذا الشعب في وجعه فليصمت حين يُعبِّر عن ألمه.
ومن لم يحمي الشعب في وجه الجنجويد وتركه يواجه مصيره فلا يطلب من أصحاب الجراح أن يزرعوا الأمل على أنقاض الخراب.
ووالله لو كان لنا وطنٌ يحترمنا
لما صرخنا ولا بكينا ولا كتبنا شيئًا…
لكننا نصرخ كما صرخ يعقوب:
﴿*إنما أشكو بثي وحزني إلى الله*﴾
ونقول كما قال الحبيب في لحظة الضعف:
“*اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس…”*
فدعونا نئنّ بصوتٍ عالٍ،
*فالأنين أحيانًا… صوتُ الحياة*