منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*وداعاً الحكيم النزيه.. الأستاذ والمربّي والقائد: أحمد محمد عبد الله جبل* ✍️ بقلم: عبدالبديع المكابرابي

0

*وداعاً الحكيم النزيه.. الأستاذ والمربّي والقائد: أحمد محمد عبد الله جبل*

✍️ بقلم: عبدالبديع المكابرابي

> ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ۝ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ۝ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ۝ وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾

 

في زمنٍ تُختبر فيه المبادئ، ويشحّ فيه الصادقون، يرحل عنا رجلٌ لم يكن كباقي الرجال.. رجلٌ جمّله الله بالحكمة، ووشّحه بالنقاء، وثبّته على مبادئ صارمة لا تتزحزح أمام مغريات السلطة ولا زوابع المناصب.

إنه الأستاذ والمربّي والقائد الراحل أحمد محمد عبد الله جبل، واحدٌ من أنبل أبناء السودان، وأحد رجالاته الذين عُرفوا بنظافة اليد، ونقاء اللسان، وصلابة الكلمة في زمن عزّت فيه هذه الصفات

رجل دولة بمقاييس الرجولة

لم يكن الراحل مجرد إداري عابر أو مسؤول كغيره، بل كان من طينةٍ خاصة، يُشهد له بالحكمة وسداد الرأي وقوة القرار، تولى مناصب حساسة كـمعتمد للرهد ومعتمد للشواك، وعضوٍ فاعل ومؤثر في المجلس التشريعي لولاية القضارف وصاحب كلمة وقدح معلى في وزارة الثقافة والشباب والرياضة، فترك فيها جميعاً بصمات لا تُمحى.

وكان يُستشار حين يضطرب الرأي، ويُحتكم إليه حين تتشابك المصالح، فكان لسانه لسان حق، وصوته صوت عدل، ومواقفه تُدوَّن في سجل الرجال الكبار.

نزاهة نادرة في زمن المتغيرات

في واقعٍ باتت فيه النزاهة تُشترى ويُساوم عليها، ظل جبل صامداً كاسمه، لا يُغيّر مبادئه ولا يُساير باطلاً، عُرف بشفافيته وصدقه، فلم تتلوث يده بمالٍ مشبوه، ولم يعرف لسانه زيفاً ولا مهانة وكان دائم الحضور في قضايا الناس، منصتاً، ناصحاً، ومصلحاً، دون رياء أو منفعة.

حكيم الحي ومرجع المجتمع

في حيه الصغير كان مرجعاً، يُرجع إليه في القضايا والخلافات، حكيماً يُؤخذ بقوله، وعادلاً يُركن إلى رأيه وفي مجتمعه الكبير، كان صوته مؤثراً، وحديثه موزوناً، وسيرته ناصعة. كان صوت التوازن بين الشدة والرحمة، بين الحسم واللين، وهو أمرٌ لا يُجيده إلا الكبار.

مع المساجد والقرآن.. حيث الطهر الحقيقي

لم يكن الدين عنده شكلاً، بل جوهرًا وسلوكًا. شهدت له المساجد، وتشهد له حلقات القرآن ومجالس الذكر، كان قريبًا من العلماء، محباً للصالحين، باذلاً للخير، عطوفاً على البسطاء، حافظًا لحرمة الدين وعزته.

مربٍ من طراز رفيع

في بيته، كان الأب المثالي، يربي أبناءه على الدين والقيم والأخلاق لم يكن غائباً عن تفاصيلهم، بل كان ناصحاً وموجّهاً وسنداً، حتى خرج من تحت عباءته أبناء وبنات يرفعون الرأس، عِلماً وسلوكاً وثقافة.

خريج الخرطوم.. وفارس المجالس

خريج جامعة الخرطوم، ومناراتها الفكرية، وكان حين يتحدث في المجالس تنصت له العقول قبل الآذان، حديثه مزيج من الفصاحة والمعرفة والحنكة كانت كلماته تطفئ الخلاف، وتُضيء العقول، وتفتح أبواب الحكمة.

> مضى من كان للدنيا سراجاً
وأوقد في دروب الناس منهاجاً
نقِيُّ اليدين، مرفوعُ الجبين،
إن قالوا: من؟ فالكل قالوا: أحمد تاجاً.

 

رحيلُ قامةٍ وطنية

برحيله، فقدت القضارف أحد أعمدتها، وفقدت قبيلة اللحويين فارسًا من فرسانها، وفقد السودان نموذجاً نادراً للقيادة بالنزاهة، والتأثير بالإخلاص، والعيش للناس لا على حسابهم.

نسأل الله تعالى أن يجزيه عنّا وعن أهله وعن وطنه خير الجزاء، وأن يجعل الجنة مثواه، والرحمة طريقه، وأن يُلهم أهله ومحبيه الصبر والثبات.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.