منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

عوض الله نواي يكتب : . *لا تقتلوا الطموح قبل ميلاده!*

0

عوض الله نواي يكتب :

. *لا تقتلوا الطموح قبل ميلاده!*

عوض الله نواي

قراءة في مقال بلال ميرغني يوسف

قرأت باهتمام مقال الأستاذ بلال ميرغني يوسف الذي حمل عنوانًا فيه من النقد ما قد يكون مشروعًا في ظاهره، لكنه في جوهره يكاد يكرس لثقافة الإحباط وكبح الطموح الوطني قبل أن يرى النور.

صحيح أن السودان اليوم يواجه تحديات داخلية جسيمة، وعلى رأسها ضعف التغطية الكهربائية وانعكاسات الحرب المستمرة، لكن هذا لا يعني أبدًا أن نلغي الرؤية القارية الطموحة أو نختزل المستقبل في معالجة الأزمات الآنية فقط.

فهل بناء الأمم يبدأ من انتظار الكمال الداخلي، أم من الرؤية المستقبلية التي تحفز على تجاوز العجز؟

بين الحلم والواقع

المشاريع الكبرى، خاصة تلك العابرة للحدود، لا تقوم لأن الدولة قد أكملت حل مشكلاتها بنسبة 100%، بل تقوم لأن الطموح الوطني يسبق الظروف، ويقود حركة الإصلاح لا أن ينتظرها.

السودان بما يملكه من موقع جغرافي استثنائي، قادر أن يتحول إلى محور قاري في مجالات متعددة، منها:
• النقل البري العابر لإفريقيا،
• الموانئ وخدمات الشحن والتجارة الإقليمية،
• ربط شبكات الكهرباء والطاقة المتجددة بين دول القارة.

وهذه ليست أحلامًا معزولة بل تخطيطًا استراتيجيًا يستند إلى معطيات جغرافية واقتصادية حقيقية.

شواهد من التاريخ القريب

التاريخ يعلمنا أن الدول التي بنت مجدها لم تبدأ وهي مكتملة البنية.
• إثيوبيا، رغم تحدياتها الداخلية، شرعت في بناء “سد النهضة” برؤية قارية قبل أن تحقق الاكتفاء الكهربائي المحلي.
• رواندا، خرجت من حرب أهلية مدمرة، لكنها آمنت بأن التخطيط للمستقبل هو الطريق الأقصر للنهوض، فتحولت إلى مركز قاري للخدمات والتكنولوجيا.

لماذا إذن نطلب من السودان أن يبقى رهين أزماته دون أن يخطط لحلم أكبر؟

إصلاح الداخل بالتوازي مع الانطلاق القاري

أما الحديث عن أن رؤية “إيصال الكهرباء إلى 300 مليون إفريقي” لم تُسمع إلا عبر قناة الجزيرة – السودان، فهذا يؤكد الخلل في ضعف الإعلام الرسمي لا في أهمية المشروع نفسه.

إن الربط القاري للكهرباء، مثل الربط البري والجوي، يمكن أن يتحول إلى رافعة استراتيجية لتطوير البنية التحتية الوطنية، وجذب الاستثمارات، وخلق طلب داخلي جديد، بدلاً من انتظار الإصلاح الداخلي الكامل قبل أي خطوة إقليمية.

نعم، إصلاح الداخل ضرورة لا جدال فيها، لكنه لا يجب أن يكون عذرًا لقتل الطموحات الكبرى.

الطموحات نفسها هي التي تحفز على الإصلاح، وتفتح طريق المستقبل.

ختامًا

من لا يحلم لا يبني، ومن يقتل الطموح قبل ميلاده، كمن يحفر قبر المستقبل بيديه

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.