منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*بعد الحرب على ايران ،، كيف يجب أن يفكر أردوغان ؟؟؟* كتب : *الجيلي محجوب*

0

*بعد الحرب على ايران ،، كيف يجب أن يفكر أردوغان ؟؟؟*
كتب : *الجيلي محجوب*

الجيلي محجوب
حين تندلع النيران في الجوار لا يجوز للبيت القريب أن ينام قرير العين ،، وحين تشتعل حربٌ تكاد ان تمزق إيران بكل ثقلها الجيوسياسي والديني والتاريخي لا يمكن لتركيا — الجارة والخصم القديم والحليف المتردد — أن تكتفي بدور المتفرج المحايد ،، لأن ما يحدث في طهران سيرتد رجعه على أنقرة عاجلًا أو آجلًا سلبًا أو إيجابًا .

الرئيس رجب طيب أردوغان الرجل القوي الذي تمرّس طيلة عقدين في فن البقاء وسط العواصف يقف اليوم أمام لحظة مفصلية ليست كسابقاتها .
هذه حرب تكاد تكون كاشفة لما تبقى من خرائط القوة في الشرق الأوسط ،، حربٌ تُخاض بأذرع إسرائيلية وظلال أمريكية ضد عدو لدود لكن ليس بعيدًا عن البيت التركي ،، فكيف يجب أن يفكر أردوغان رجل الواقعية والبراغماتية حينًا ورجل العقيدة والرمزية حينًا آخر؟

أول ما يجب أن يعيد النظر فيه هو عقيدة الأمن القومي التركي ،، فالحرب على إيران حتى إن لم تصلي الأراضي التركية نارًا ستنثر رمادها على الحدود في الاقتصاد و في اللاجئين و في الموازين الإقليمية .
عليه أن يقرأ الخرائط من جديد : من الشمال السوري إلى العراق المتصدع إلى القوقاز المتوتر فكلها خطوط تماس بين مصالح تركيا ومآلات الحرب .

ثانيًا السياسة الخارجية التركية لا يمكن أن تبقى على النغمة المزدوجة و آن لأردوغان أن يختار : هل تركيا حليفٌ غربي في الناتو أم قوة مستقلة تبحث عن تموضع جديد بين الشرق والغرب ؟ فالاصطفاف في زمن الحرب ليس ترفًا بل فرض عين والحياد المائع قد يُفهم ضعفًا أو مكرًا وكلاهما ثمنه باهظ.

وثالثًا على أنقرة أن تحرس جبهتها الداخلية بحكمة لا بشدة فالحرب ستنفث رياحها الطائفية والعرقية وستُغري بعض اللاعبين باللعب على وتر الانقسام ،، فلا بد من خطاب يوحّد لا يفرّق ولا بد من نموذج دولة تُشعر شعبها بأن المعركة ليست بعيدة لكنها أيضًا ليست حتمية .

ورابعًا الاقتصاد التركي يحتاج إلى خطة مقاومة لا خطة إنقاذ ،، فالعقوبات المتوقعة و الاضطراب في أسواق الطاقة و احتمالات قطع الإمداد أو استهداف خطوط الغاز … كلها كوابيس تحتاج لمن يحولها إلى يقظة تخطيط واستثمار داخلي وتحالفات جديدة .

أما خامسًا وربما الأهم فهو أن أردوغان مطالب اليوم بمخاطبة العالم الإسلامي بخطاب رجل الدولة لا رجل الشعارات . إن كانت الحرب على إيران تعبّر — في نظر شعوب كثيرة — عن توازن قوى ظالم، فإن تركيا مطالبة بأن ترفع صوت العدالة دون أن تُسقط حساباتها الاستراتيجية و أن تجمع بين لغة المبدأ ولغة المصالح وأن تضع نفسها في موقع الضامن لا المشتبك .

لقد قيل يومًا إن “الحياد في المعارك الأخلاقية خيانة” لكن القيادة الحكيمة هي التي تعرف متى يكون الحياد دهاءً ومتى يصبح التورط حماقة .
فهل ينظر أردوغان بعين على التاريخ وأخرى على الخريطة ؟

نحن لا نعرف لكن الأيام ستخبرنا إن كان الرجل يكتب فصله الأخير بمداد الحكمة … أم بمنطق الحسابات .

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.