في رحاب الوطن بقلم : برمة أبوسعادة *جامعة الضعين- شموخ العلم في وجه العاصفة*:
في رحاب الوطن
بقلم : برمة أبوسعادة
*جامعة الضعين- شموخ العلم في وجه العاصفة*:
في وطنٍ مزقته الحرب وتكالبت عليه الأوجاع تظل بعض المؤسسات التعليمية كالأشجار الراسخة لا تزداد في وجه الرياح إلا ثباتاً ومن بين هذه المنارات تبرز جامعة الضعين ذلك الصرح الوليد في العام 2016م والذي وُلد كبيراً بعزيمة أهله وهمّة طلابه فضمّت إحدى عشرة كلية واحتضنت آلاف الطلاب قبل أن تضع الحرب أوزارها فوق أحلامهم.
لكنَّ العلم لا يُهزم ففي الوقت الذي توقفت فيه عجلة الدراسة في معظم كليات الجامعة سلكت كلية الطب طريقاً آخر طريق الحياة.
بقيادة الدكتور النذير العجيبة الشاب الذي آمن برسالته واستثمر علاقاته تم نقل الكلية إلى أحضان جامعة أم درمان الإسلامية حيث استُضيفت هناك وواصل طلابها دراستهم
ولم يكن الدكتور النذير مجرد قائد أكاديمي بل كان أيضاً مديراً لمركز أم درمان الذي تحوّل إلى محضن ومأوى وملجأ آمن لطلاب الجامعة ظلّ هذا المركز منارة مضيئة في عتمة الحرب ومصدر دفء وسط برد النزوح فاحتضن الطلاب علمياً ونفسياً وكان شاهداً على صبرهم وكفاحهم.
وهاهم اليوم يرفعون أصواتهم فرحاً وسروراً غبطةً وحبوراً إذ أتمّوا رحلتهم التعليمية رغم النزوح رغم الجراح ورغم الدمار.
وهنا لا يفوتنا أن نبعث بتحية إجلال وتقدير لقائد ركب هذه الجامعة الفتية البروفيسور علي يونس بريمة ذلك القائد الفذ الذي لا يعرف للطموح سقفاً ولا للتحديات حدوداً شاب ،استثنائي في فكره متفرّد في رؤيته صاغ من المحن قوة ومن الأزمات فرصاً فحوّل جامعة الضعين إلى قصة نجاح وطنية تروى في زمن الانكسار.
لم يكن مجرد مدير جامعة بل كان صانع مجدها وملهم رسالتها وحارس أحلام طلابها رجل جمع بين حكمة الشيوخ وجرأة الشباب يقود الجامعة بعقل استراتيجي وقلب وطني نابض قائد لا تنحني له الريح ولا يتراجع أمام العواصف يرسم طريق الأمل في زمن الحطام.
وفي المقابل تطلّ المأساة من نافذةٍ أخرى المليشيا المتمردة التي دمرت المدن والقرى لم تكتفِ بخراب الحجر بل طاردت العقول فزجّت بالشباب في الحرب قسراً دون إرادة فقط لإرضاء عيال دقلو الذين يعيش أولادهم في رغد التعليم والرفاه في مدارس الإمارات وجامعاتها.
والأسوأ من ذلك أن هذه المليشيا منعت طلاب الشهادة السودانية من الجلوس للامتحانات محاولةً تدمير مستقبلهم عن عمد.
المفارقة المحزنة أن بعض من يرفعون راية المدنية والحرية سارعوا بإرسال أبنائهم إلى يوغندا والإمارات لتلقي التعليم بينما دفعوا بأبناء الفقراء والمساكين إلى محرقة الحرب.
فأي عدالة هذه وأي عقل يبيح التمييز بين أبناء الوطن الواحد.
إن ما يحدث جريمة في حق جيل بأكمله يجب أن يرتفع صوتنا جميعاً دفاعاً عن حق التعليم وحق الحياة وحق الحلم.
فالعلم اليوم هو أقوى سلاح سلاحٌ فتّاك لأقوى عدو تبوح به مغاليق الكون وتتفتح به الحياة عن كل أسرارها.
لا مستقبل لوطن يُقتل طلابه وتُمنع شهاداتهم ويُقسَّم التعليم فيه على أساس الطبقة والانتماء السياسي
فلنقف معاً في رحاب الوطن لنقول
كفى ظلماً كفى تدميراً
العلم أقوى من الرصاص والعدالة أسمى من المصالح.