منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

رهاب .. رهاب د . محمد خير حسن محمد خير يكتب : *رسم حدود الكرامة*

0

رهاب .. رهاب
د . محمد خير حسن محمد خير يكتب :

*رسم حدود الكرامة*

13 مايو 2025
بين الغضب الشعبي و الحسابات الجيوسياسية يقف السودان اليوم على مفترق طرق متشعبة تفرضها معطيات داخلية معقدة وتدخلات إقليمية اثبتت الايام انها لم تكن عابرة.. اسمح لي استاذي دكتور محمد خير حسن ان اشير الي مقالكم العميق والقيم الذي جاء تحت عنوان ” *ثم ماذا بعد ؟؟؟؟؟؟!!!!* ” الذي يعكس وبصورة واضحة شعوراً وطنياً متعمقاً بأن الصبر على التدخلات قد طال ، وان الكرامة الوطنية لا تشترى بالاستثمارات . هذا المقال الذي وضع يده على الجرح الوطني النازف ، محللاً بروح سيادية عالية حجم الجرم الأماراتي في حق السيادة السودانية ، وموضحاً بالحجة الدامغة والبيانات الصادمة حجم الإختراق الإقتصادي و الدبلوماسي الذي مارسته دويلة الامارات.
فما صدر عن مجلس الأمن والدفاع بقطع العلاقات مع الامارات واعتبارها دولة عدو ، ليس فقط قراراً سياسياً محضاً ، بل هو اعلان موقف تاريخي يعيد رسم حدود الكرامة السودانية في وجه من ظنوا ان بإمكانهم شراء سيادتنا كما يشترون صمت المرتزقة .
وطوال سنوات .. تغلغل النفوذ الاماراتي في جسد الاقتصاد السوداني ، تغلغلاً لم يكن بريئاً ولا اخوياً ، بل كان امتدادا لاجندة تدخل سافر في الشأن الوطني ، بلغت ذروتها في دعم عسكري مباشر لمليشيا تمردت على الدولة واحرقت الارض وانتهكت العرض. وبالنظر الي ما حدث من هجوم سافر على مدينة بورتسودان، ارى انه ليس إلا امتدادًا لفكر عدواني لا يطيق رؤية السودان مستقلاً أو موحّدًا، لكن الرد يجب أن يكون أعظم من مجرد الشجب. يجب أن يكون الرد فكريًا، استراتيجياً وشاملاً… لا حرباً متهورة، بل نهجًا متزناً يعرّي زيفهم ويُظهر معدننا.
والبداية من الداخل ، لا سيادة بلا وحدة وطنية ، فالأوطان لا تسقط حين تتآمر عليها الأمم، بل حين تنقسم على ذاتها. لا بد من القضاء الحاسم على فكرة الانقسام الداخلي وتفكيك الذات من الداخل، فذلك هو الحلم الحقيقي لأعدائنا. لابد من دفن فكرة الانقسام الي الأبد .. فالذي يفتح الباب لتدخلات الامارات او غيرها هو التشرذم السياسي ، والتصدعات المجتمعية ، وانعدام المشروع الوطني الجامع .. فالتعاطي مع هذا المشهد المتداخل لا ينبغي ان يكون رد فعل غاضب فقط ، بل فعلاً سياسياً عميقاً يحسن إستثمار اللحظة لصالح السيادة دون خسارة ادوات القوة الناعمة .
ثم نأتي للرد الدبلوماسي – الواجب لا الاختيار، إذ ينبغي أن تُستكمل المقاطعة السياسية بمقاطعة اقتصادية ذكية، كما أشار البروفيسور محمد خير حسن، فالسودان يستطيع أن يعيد رسم خارطة مصالحه الإقليمية عبر تحالفات استراتيجية جديدة، تُبنى على الندية لا التبعية. نحن لا نحرص علي العداوات، لكننا نرفض الهيمنة المقنعة … وعلى الصعيد الآخر سيقول البعض ان الامارات شريك اقتصادي كبير وان مقاطعتها ستكلف السودان كثيراً من النقد الأجنبي وفي تحويلات المغتربين والتبادل التجاري من صادر ذهب الي واردات ذات اولوية وفي التسهيلات المصرفية! .. ولكن متى كان الوطن يقوّم بالعائدات أو المتحصلات من النقد الأجنبي؟؟؟!!! ومتى كانت كرامة الشعوب تقاس بميزان الصادرات و الواردات؟؟
ان الشعب السوداني الذي قدم آلاف الشهداء دفاعاً عن ترابه ، لا يقبل ان يستباح مظهراً ومِخْبَرَا مقابل مصالح اقتصادية مهما عظمت ، فكل ميناء وكل مصنع وكل صفقة جاءت على حساب الدم وسيادة الوطن ،تُردُّ ولا يُشكر صاحبها.
إن وقف الاستثمارات الإماراتية ليس إعلان حرب، بل إعلان سيادة، فليس من السيادة في شئ أن نفتح بلادنا لدويلة تستثمر بأموالها نهارًا، وتقصفنا بطائراتها ليلًا؟؟؟؟!!!!!
واكاد أجزم اننا سندفع ثمناً باهظاً على الأمد القصير ، ولكن الأمم لا تبنى على الخضوع ولا تنهض بالإذعان وما ضحى السودانيون بارواحهم ليرهنوا قرارهم لمن قصف واغتصب ونهب ..
..السودان لا يحتاج الامارات بقدر ما يحتاج نفسه ، نحن بلد حباه الله بموارد تكفي لبناء دولة تقود لا تُقاد ، لكننا لم نحسن استثمارها ولم نحسن توجيه القرار السياسي والاقتصادي .
فعلينا اذا ان نرتقي بردود فعلنا الي مستوى الدول التي تعرف قدرها ووزنها في التاريخ ، فيجب ان نحول مقاطعة الإمارات من شعارات الي سياسات تبدأ بتوجيه الموارد وادارتها بكفاءة وطنية وإنهاء التشظي الداخلي والإحتراب الأهلي. ان ما نحتاجه اليوم ثورة إقتصادية وطنية تخرج السودان من دائرة العزلة المفروضة الي فضاء الحشد السياسي والقانوني وفتح المسارات الدبلوماسية البديلة. والأهم من ذلك احتياجنا الضروري لحشد وطني متكامل ،يتبلور من الداخل السوداني ويبنى على سواعد المفكرين و العلماء والخبراء في كل المجالات.
وفي هذا السياق، لابد من شكر العقول الوطنية الصادقة أمثال الدكتور محمد خير حسن ، الذي سبق الجميع في طرحه لهذه الرؤية واقتراحه لإجراءات إقتصادية سياسية موجعة ولكنها ضرورية تبدا بمقاطعة الرساميل الاماراتية ، وتصل الي إعادة توجيه التحالفات الاستراتيجية شرقا نحو دول تحترم سيادة السودان.

*الطالبة وهج علي إدريس*
*رابعة علاقات دولية*
*كلية الاقتصاد والعلوم السياسية*
*جامعة ام درمان الإسلامية*

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.