منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي
آخر الأخبار
*حراك في قري جنوب الفاو  مع المدير التنفيذي للمحلية : مشاكل الصحة بجنوب الفاو ومستشفى القرية (٣)* ا... *وزارة المالية تعلن إكتمال ربط وزارة التعليم العالي بنظام التحصيل والسداد الإلكتروني (إيصالي)* *وزارة التعليم العالي تعلن عن إطلاق الدليل الإلكتروني للقبول لطلاب الدفعة المؤجلة للعام 2023م* *وكيل وزارة التعليم العالي يتفقد مركز التقديم الإلكتروني بجامعة البحر الأحمر ويؤكد : التقديم ألإلكتر... *تصفية مسؤول استخبارات في الفولة تكشف تصاعد الخلافات العنصرية داخل المليشيا المتمردة*  *الحكم بالإعدام شنقا لمساعد شرطة أمنية خائن*  عثمان جلال يكتب: *المقاومة الشعبية السودانية إلى أين يجب أن تتجه* *هجوم سرب مسيرات انتحارية على قاعدة مروي الجوية و كذلك الدبة و الجيش يسقطها جميعا* *والي الشمالية يبحث مع ناظر عموم الشايقية برمجة الكهرباء بمحلية مروي* دنقلا : إعلام مكتب الوالي *التأمين الصحي بمحلية الفاو انجازات تتحدث في زمن الحرب* تقرير : عبد العليم الخزين

كوداويات محمد بلال كوداوي يكتب : *عندما تُرافق الأم امتحان ابنتها*

0

كوداويات
محمد بلال كوداوي يكتب :

*عندما تُرافق الأم امتحان ابنتها*

اليوم بدأت امتحانات الشهادة السودانية داخل السودان وفي بلاد الشتات…
توحّد الزمن وتوحدت الآمال وتوزّعت القلوب بين لجان الامتحان وأبوابها.

أوصلتُ ابنتي ظهراً أنا ووالدتها إلى مركزها المخصص “جمال عبد الناصر” في حي الدقي.
دعونا لها سلمناها للباب مطمئنين وعدنا أدراجنا إلى البيت، متكئين على ثقةٍ أن ما غرسته السنين لن يخيب في هذه اللحظات.

لكن شيئاً غريباً شدّني شيئاً تجاوز المألوف.
أرصفة الشارع المقابل للمدرسة اكتظّت بالنساء سودانيات من كل الأعمار أمهات وخالات وأخوات وجارات.
يفترشن الأرض يراقبن الباب يتهامسن يتنهدن ينتظرن.
ليس لبضع دقائق بل لساعات أربع وربما أكثر!

عدنا بعد مضي زمن الامتحان فوجدت المشهد كما هو… لم يتغير شيء. نفس العيون المعلقة بالأبواب نفس القلوب المربوطة بمقاعد اللجان.
سألت نفسي: ما الذي يدفع هؤلاء النسوة إلى هذا الإصرار؟
ما سر هذا الحضور المكثف الذي لم نشهده حتى في الخرطوم دعك من القاهرة؟!

*ثم فهمت… أو هكذا خُيّل لي أني فهمت.*

ليس هذا مجرد امتحان أكاديمي بل هو امتحان حياة.
في زمن الحرب والتشرد في غربة لا ترحم صار مقعد الامتحان أشبه بطوق نجاة.
صار نجاح البنت لا يعني فقط شهادة بل يعني بيتاً سيُبنى ومستقبلاً قد يُنقذ وحياةً لا تزال ممكنة.

وهؤلاء الأمهات اللاتي يفترشن الأرصفة لا يفعلن ذلك ضعفًا ولا مبالغة…
بل يفعلنه لأن قلوبهن لم تعد تحتمل المزيد من الغياب.
يردن أن يكنَّ قرب بناتهن حتى لو من وراء سور، لأن السور أصبح حاجزًا بين حلم وألم وبين بلدٍ تُرك خلفهن وبنتٍ تُراهن عليهن.

*إنها ثقافة الحضور…*
حضور الأم ليس فقط في لحظة الولادة بل في لحظة الإمتحان وفي لحظة النهوض وفي لحظة النجاة.
وهي ثقافة سودانية أصيلة تمتزج فيها الحنان بالمسؤولية وتتماهى فيها التقاليد مع القلق.

لكننا ونحن نرقب هذا المشهد ينبغي أيضًا أن نتساءل:
هل نُحمّل أبناءنا فوق طاقتهم؟
هل نربط مستقبلهم بأعصابنا ونعلّق على رقابهم أحلامنا المكسورة؟
هل نحاصرهم بحبٍّ قد يخنق أجنحتهم بدل أن يمنحهم السماء؟!

الزحمة أمام أبواب المدارس ليست فقط زحمة بشر…
بل زحمة أحلام زحمة دعوات زحمة دموع لم تجد طريقها للبكاء.

فيا رب…
وفّق بناتنا وأبناءنا.
وطمئن قلوب الأمهات اللواتي ينتظرن ساعات في الشمس والغربة.
لأن لا شيء عندهن أغلى من نجاح أولادهن وبناتهن .

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.