*الشرطة السودانية… على ثغور الوطن في زمن الانهيار* عقيد شرطة حسنين مصطفى حسنين يكتب
*الشرطة السودانية… على ثغور الوطن في زمن الانهيار*
عقيد شرطة حسنين مصطفى حسنين يكتب
في زمانٍ تتداعى فيه أركان الدولة، و تتهاوى المؤسسات واحدةً تلو الأخرى ، ويختلط الدم باديم الارض…!!! وتعم الفوضى…وتلتحف الجثث السماء عارية بدون كفن علي قارعة الطريق!!!…ويعم الصراخ بصمت المدن المهدمة… *تبقى الشرطة – رغم جراحها –* ورغم ما اصابها من وصب ونصب!!! تقف على ثغر عظيم، لا يُغلق، ولا يقفل ولا يُغفل ، ولا يسند العمل فيه لمقاول لينتهى منه فى زمن محدود !!!
بل استمرارية تشغيلية في كل الظروف والضروب والدروب والاتجاهات .!!!
وهذا العمل لا يُسند إلا لأهل العزم والصبر والثبات…لانهم لايملكون ترف الغياب ولاخيار الاعتزال او الانزواء…!!!
*فوجود الشرطة نفسه من ضرورات بقاء الدولة ونظامها..*
ندين بالولاء لهذا الوطن الجريح، السودان، ونعلم علم اليقين أن وزارة الداخلية، وعلى رأسها قوات الشرطة، لم تعد مجرد جهازٍ خدميٍّ فحسب، بل *صارت حائط الصد الأخير أمام انهيار ما تبقّى من الدولة.*
لقد صار الواقع الأمني أشبه بحقلٍ ملغوم
* *(سجون قد أُفرغت من نزلائها قسراً، فاختلط الجاني بالآمن،*
* *مقار تهدمت أو* *سُرقت،وصارت ركاما وبدون ذاكرة لسجلاتها الجنائية..*
* *مركبات أُتلفت أو تقادمت،*
* *موارد شحيحة، ومخاطر جمّة،*
* *نهبٌ مسلح و (تسعة طويلة) ، سلاحٌ بلا رخص، وجرائم أصبحت حديث المجالس اليومية.)*
ومع كل هذا… تقف الشرطة، متعبة، منهكة، لكنها موجودة…
لا بأبهة الدولة ولا بسطوة السلطان…*بل لانها من الشعب والي الشعب وبالشعب!!*
وهى موجودة *بالحد الادنى من الامكانيات لبلوغ الحد الاقصى من الطموح و المسؤولية…*
تسند ظهر الوطن وهو يتهاوى في زمن تتسع فيه رقعة اللا دولة ولا سلطة ولا قانون بسبب ما أفرزته الحرب من واقع غريب ينتشر فيه السلاح والكل يظن انه الدولة !!
وفوق ذلك تظل الشرطة *تُطفئ جمر الفوضى بيدٍ عارية…وقلب مؤمن بالوطن..*
إن ما تواجهه الشرطة اليوم ليس مأزقا ادارياً فحسب . بل معركة وجود وطن انتم فيه علي خط المواجهة الاول مع الفوضى و السيولة الامنية…وطن.. يكون او لا يكون… دونما خيار ثالث.
أنتم حماة الدولة حين يغيب النظام،
أنتم ملاذ المواطن حين تُسرق دولته، أنتم صوت القانون حين تصمت البنادق. نُدرك ما تواجهونه
* رواتب لا تسد الرمق .
* عزوف عن التجنيد…
* معدات شبه معدومة.
* دعم لوجستي غائب،.
* خطر في كل دورية،او ارتكاز..
* وعرفان قليل إن لم يكن معدوماً.
لكن في هذا الزمن العسير، يُكتب التاريخ من عَرق الصابرين لا من أقلام المتفرجين..
نذكّركم اليوم بتجارب شعوب نهضت من تحت الركام..ومن يريد ان يرى المستقبل فليقراء تجارب الاخرين
*رواندا* بعد المجازر، أعادت بناء شرطتها على أساس القرب من المواطن…نزلوا للشوارع لا ليعتقلوا بل ليواسوا الناس و يفرضوا الهيبة.. فنهضت الدولة. !!!
*العراق* بَعد الاحتلال، تمكنت الشرطة من أعادت سلطة القانون حتى في أحياء المليشيات العقدية وهى مليئة بالسلاح والدمار.
*سيراليون وليبيريا* من بين نار الحرب، خرج رجال الشرطة بصدورهم وبقايا خوذاتهم ، فبنوا الامن علي اكتافهم وبدون امكانيات الا من هندام مكتمل واشخاص مخلصين وبعض الورق المبلل بالدم والعرق والدموع.. لكنهم نجحوا في اعادة الطمأنينة حجراً بعد حجر…
*فمن الممكن ان نبدأ* ولكن لا نغفل حاجتنا لرجال مدربون علي الايمان ان *الواجب ليس وظيفة بل رسالة..*
كل هذه النماذج بُنيت بالصبر، فالصبر في هذه المرحلة عبادة فاثبتوا لانكم السياج الاخير قبل ان يتحول الوطن الى غابة
* *اعيدوا بناء الثقة مع المواطن فانتم شركاء لا خصوم*..
* ابتسموا في وجه الشعب وضمدوا جراحه وابقوا علي الانضباط والالتزام..
* *وحافظوا علي نقاء الكفّ ، والأمانة والنزاهة..فان ذلك هو الرصيد وراس المال المطلوب في زمن تتاكل فيه القيم..* ولكم أن تعلموا أن من يبدأ البناء في العاصفة، هو من يستحق أن يُخلّد اسمه..ويبقي شامخا في صفحات التاريخ..
نُوصيكم بخمس:
1. *اثبتوا،* ولو بلا مركبة، فالدراجة التي تسير في طريق الحق أعظم من مدرعة بلا هدف.
2. *اقتربوا من المواطن،* فإن قرب الشرطي من الناس يصنع أمناً لا تقدر عليه الجيوش.
3. *وثّقوا كل جريمة*، مهما قلّ شأنها، فالعدل يبدأ من التوثيق.
4. *أخلصوا في الأداء،* وكونوا نزيهين، فإن النزاهة في زمن الفوضى تُكسبكم هيبة لا تُشترى.
5. *كونوا صفاً واحداً،* فالفرد يُكسر، والصف لا يُهزم.
وفي الختام نقول إلى *(بعض)* الأقلام الصحفية… ان القلم امانة…والكلمة مسؤولية فلا تتحولوا من منابر التنوير الي ابواق للتشكيك والتدمير .. ومقاصل للتجريح والتلويح !!!
نقولها بصدق لا مواربة فيه لسنا ضد النقد بل نحتاجه ونحن من يخدم المواطن لنقيم ممارستنا ثم نقومها من الاعوجاج…إن الذى نرفضه النقد الذى فيه جهل بفنيات الشرطة ومهامها ..!!! وهذا الرفض ليس فيه مساس بحق الصحافة كسلطة رابعة تمارس حريتها في التعبير .!!
لسنا في حاجة لمقالات استعراضية تُكتب على أنقاض وطن منهك،
ولا نرجو منابر تصب الزيت على نار الفوضى، ثم تتدثر بشعارات الحرية والمهنية. فالكتابة في الامور الامنية و التشغيلية ليست شأناً عمومياً قابل للتجاذب. بل هو عمل مهنى متخصص ومعقد لا يدركه الا من تشرب تفاصيله…*هكذا يقول ربان الاعلام الامنى في الشرطة الاخ البروف عبد المحسن بدوى محمد احمد فهو الرائد في هذا المجال…*
نعم، نؤمن بحرية الصحافة،
لكننا نذكّر أن الحرية لا تعني الغفلة، ولا تبرر الجهل، ولا تمنح أحداً حق العبث بالثقة العامة.
كفّوا عن التدخل في ما لا يُدرك، و كفوا عن الزج بالصحافة في تفاصيل ميدانية لا تحيطون بها علماً..و كفوا عن تقويض الثقة في من يضحون بحياتهم من اجل ان تنعم انت يامن رعاك الله بالامان وتمارس حياتك المهنية في الصحيفة التى تريد ان تغرس خنجرها المسموم في خاصرة الشرطة الجميل و البريئة من كل عيب عدا احترامها وتقديرها الفائق للغير علي حساب نفسها..
فالأمن ليس وجهة نظر، ولا جهاز الشرطة مجالاً للتجريب أو الإفتاء الصحفي.
إن كنتم تكتبون بصدق، فكونوا عَوْناً لا عَيْباً،
راقبوا، وانتقدوا، نعم، لكن بعين فاحصة لا حاقدة،
وسلّطوا الضوء على مكامن الخلل، دون أن تُحرقوا من يعمل في الخفاء لإنارة الطريق.
إن لم تكن الصحافة معيناً للدولة، فلتكفّ عن أن تكون عبئاً عليها.
وإن لم تستطع أن تبني الثقة، فلا تكن ساعياً في تمزيقها.
نريد صحافه تراقب وتسلط الضؤ علي مكامن الهشاشة والخلل وان تكون راشدة لا مراهقة يهمها الاصلاح وليس الضجيج و الجلبة..فقد ولى زمان الشعارات وحان وقت من يتحمل مسؤولية كلمته بمثلما يتحمل الشرطى مسؤولية مهنته الاخلاقيث وعهدته من السلاح والاموال والانفس والثمرات…
فان لم تكن الصحافه معينا فلتكف عن ان تكون معولا للهدم .وان عجزت عن الفهم فلتصمت حتى لا تضل الناس وتفت من عضد اولئك الرجال الذين يعملون باخلاص ونكران ذات..
*الشرطة ليست رفاهية في لحظة الحرب، بل من ضرورات الدولة للبقاء.*
ومن كان في خدمة الوطن حين انشغل غيره بالشعارات، فهو أول من يُرفع له السلام عند الرجوع إلى دولة القانون..
وليعلم الجميع ان الشرطه ليست جهاز امنى بل *هى اخر الحصون في جسد الدولة.* وحين تسقط الشرطة لا تسقط السلطة فقط بل يسقط ايمان الناس بالقانون ويصير الوطن غابة لا ظل فيها الا للذئاب .
فلنرمم ونحفظ مابقي من معانى الوطن ..ونحترم من ظلوا واقفين عندما سقطت الاشياء
والسلام
*عقيد شرطه م*
*حسنين مصطفى حسنين*
*٨ يوليو 2025م*