أصداء وطنية بقلم: برمة أبوسعادة *الشهادة السودانية تبدأ غداً.. وطلاب دارفور خارج القاعات بأمر الميليشيا*
أصداء وطنية
بقلم: برمة أبوسعادة
*الشهادة السودانية تبدأ غداً.. وطلاب دارفور خارج القاعات بأمر الميليشيا*
بينما تستعد ولايات السودان كافة لانطلاق امتحانات الشهادة السودانية يوم غدٍ ٢٩يونيو٢٠٢٥م، يُواجه طلاب دارفور خصوصاً في مناطق سيطرة الميليشيا المتمردة، واقعاً مأساوياً يتمثل في حرمانهم القسري من أداء الامتحانات بسبب هيمنة مليشيات متمردة لا تُولي التعليم أدنى اهتمام.
تمثل الشهادة السودانية المرحلة المفصلية في مسار التعليم الأكاديمي وهي بمثابة البوابة الأولى نحو التعليم العالي والمستقبل المهني. غير أن آلاف الطلاب والطالبات في دارفور يقفون اليوم على أعتاب الحرمان ليس فقط بسبب الحرب بل نتيجة نهج متعمد تتبناه الميليشيا المتمردة التي تُحكم سيطرتها على بعض المناطق وتسعى بشكل ممنهج إلى تدمير عقول الطلاب بحرمانهم من التعليم ودفعهم إلى معسكرات التجنيد القسري وتحويلهم إلى وقود لحرب لا أفق لها.
وتمثل هذه السياسات انتكاسة خطيرة لقيم المجتمع وتكشف عن مشروع مضاد للوعي يستهدف أجيالاً بأكملها بالتجهيل المتعمد لا بوصفه نتيجة فرعية للحرب بل باعتباره أداة من أدوات السيطرة وإطالة أمد الفوضى.
وللمقارنة تجدر الإشارة إلى أن الحركات المسلحة التي تمردت سابقاً في دارفور لم تحرم الطلاب من أداء الامتحانات في مناطق سيطرتها بل كانت تُسهّل وصولهم إلى المراكز الآمنة ، إدراكاً منها بأن مشروع الدولة الذي تنشده لا يُبنى بالبندقية وحدها وإنما بالعقل المتعلم.
أما اليوم فإن الميليشيا المتمردة تنتهج مساراً مغايراً قوامه تغييب التعليم وتفريغ المجتمع من قواه الحيّة وسط تجاهل تام لحجم الجريمة التي تُرتكب بحق آلاف الطلاب والطالبات.
ومن المؤكد أن ثمّة عقلاء داخل تلك الكيانات يدركون أهمية التعليم كأداة للتغيير والبناء لكنهم مغلوبون على أمرهم مكبلون بقيود القرار المليشي بجانب مصالح القيادات الميدانية التي ترى في الطالب النابه تهديداً لسلطتها، وفي العقل الواعي عدواً ينبغي تهميشه أو تدميره.
وتأتي امتحانات هذا العام في ظل ظروف إنسانية وأمنية بالغة التعقيد بعد ما يقارب ثلاث سنوات على اندلاع الحرب التي خلّفت آلاف القتلى وملايين النازحين وتسببت في انهيار واسع للخدمات الأساسية وعلى رأسها التعليم.
ومع حرمان الطلاب من أداء الامتحانات لا يتعرض السودان لخسارة جيل فقط، بل يواجه مؤامرة مفتوحة على الوعي تقودها ميليشيا ترى في دفاتر التلاميذ خطراً أكبر من البنادق وتراهن على الجهل كأداة للبقاء.