منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*الحرب الإيرانية-الإسرائيلية.. إنعطافة التاريخ الأخيرة في حقبته الإمبريالية الأمريكية!!. (٦—٧)* ✒️ صهيب حامد

0

*الحرب الإيرانية-الإسرائيلية.. إنعطافة التاريخ الأخيرة في حقبته الإمبريالية الأمريكية!!. (٦—٧)*

✒️ صهيب حامد

حسناً.. وكما أسلفنا في الحلقة السابقة فلقد دفع الإعتداء الأمريكي-الإسرائيلي الأخير إيران للتفكير لتغيير إستراتيجيتها الدفاعية من (الدفاع السلبي والردع الصاروخي التقليدي) إلى (الدفاع الإيجابي والردع الصاروخي الإستراتيجي). ولكن قبل ذلك يقتضينا الواقع التسليم ببعض الحقائق الأساسية والإعتراف بها ، فالدولة الإيرانية لم تزل ومنذ العام ٢٠٢٠م تعاني تدهوراً في وضعها الجيوسياسي منذ إغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني ، وهكذا كي يستمر التراجع الكبير في نفوذها الإقليمي مذّاك على عقابيل أحداث السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م كي توالي بعدها إسرائيل ضرباتها القاتلة إبتداءاً بحزب الله اللبناني درة تاج النفوذ الإيراني في المنطقة وصولاً لإغتيال زعيمه التاريخي الشيخ حسن نصر الله ، وضمن ذلك حدث إضعاف حركة حماس في قطاع غزة ، وهكذا كي تضعف عناصر خط المواجهة الأول أمام إسرائيل من المسافة صفر بتعبير الصحفي المتخصص في الشئون الإيرانية عبد القادر فائز. ثم أخيراً أتت الإطاحة بالنظام السوري بقيادة بشّار الأسد لتفقد إيران بعدها خط المواجهة الثاني (الإمداد) ، كي لا يبقى بعد ذلك بلا مساس إلّا خط المواجهة الثالث (أنصار الله باليمن والحشد العراقي) وهو ما يشي لقدر التضعضع الذي أصاب الإرث الذي بناه قاسم سليماني وقد ذهب هباءاً منثوراً!!. وهكذا كي ينتهي المطاف ما بعد ذلك لدى ما توقعه الجميع في حال فقدان إيران ردعها الإقليمي المتمثل في أذرعها القوية المتمثلة في النظام السوري وحزب الله وحماس ، أقول ينتهي المطاف بالولايات المتحدة وإسرائيل بالهجوم على قلب الدولة الإيرانية تحت إدّعاء الإجهاز على المشروع النووي للدولة الإيرانية!!. المفارقة وفي ظل هذا النجاح الأمريكي الإسرائيلي في إضعاف (جبهة) المقاومة تَحْمُل هذه الأطروحة إفتراضاً بالتلاشي التدريجي للنفوذ الغربي في المنطقة.. إذن ما المغزى من ما تفترضه هذه الأطروحة!!؟.

تفترض هذا الأُطروحة أن الصراع بين إيران وأذرعها (proxies) من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من الجهة الثانية بالأساس هو صراع إستنزاف (Attrition conflict) خصماً على الولايات المتحدة لصالح كل من الصين وروسيا في الصراع حول تايوان وأوكرانيا على التوالي (Respectively) بشرط عدم سقوط النظام الإيراني الحالي للحيلولة دون وصول الولايات المتحدة لتخوم باكستان الحليفة الممتازة للصين ، و الحيلولة دون وصولها كذلك لدول آسيا الوسطى والقوقاز النفوذ الإقليمي الممتاز لدولة الإتحاد الروسي.ولكن ثمة أمر مربك ، فلقد تراءى للبعض أن كل من روسيا والصين يبديان سلوكاً ينمُ عن عدم إهتمام بنتائج الصراع بين كل من إيران من جهة وإسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة من جهة أخرى وهو شعور لا يدرك الرهانات الحقيقية لكل من الصين وروسيا في هذا الصراع المهم والإستراتيجي!!.

ما هي رهانات الجانب الروسي من هذا الصراع؟. بالتأكيد أن روسيا هي الشريك الخارجي الأساسي لإيران في مشروعها النووي ، كما أن إيران هي صمّام أمان روسيا في عمقها الإستراتيجي في آسيا الوسطى والقوقاز ، إلى جانب دورهما الكبير (روسيا وإيران) في حماية نظام بشّار الأسد الي سقوطه في ٢٠٢٥م. ولكن رغم ذلك يجب تفهّم الدوافع الروسية التي لا تضع البيض الإسرائيلي والبيض الأمريكي في سلة واحدة!!. فروسيا عدو إستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية وهي تتفق مع الصين في أهمية إضعاف الدور الجيوسياسي والإقتصادي لها في العالم. وبالطبع وإذا ما نجح الشريكان (الصين وروسيا) في تحقيق هذا الهدف فلن تتمنى الدولة الروسية أن يحيق بإسرائيل ما سيحيق بحليفتها الكبرى (الولايات المتحده) لوجود أكثر من مليون روسي يهودي (سدس سكان إسرائيل) هناك. تعلم روسيا أنه في ظل التفوق الجيوسياسي الأمريكي في العالم سوف يمنح الناخب الإسرائيلي صوته للساسة من الأشكناز الغربيين ، ولكن إن إنتكست الولايات المتحدة جيوسياسياً فسوف يمنح الناخب الإسرائيلي صوته للساسة من أصول روسية كي يتولى الاتحاد الروسي الغطاء الذي تولته الولايات المتحدة صوب إسرائيل منذ هاري ترومان بله سوف تصبح إسرائيل متعهدة (Vendor) لكفيل جديد وهو روسيا الإتحادية.. إذن تلك هي النظرية الروسية التي يجب أن يفهمها العرب جيداً ومنذ الآن!!. ومن هنا نجد التفسير لعديد المواقف المتناقضة لروسيا إزاء الدولة الإيرانية.. تلكّأت روسيا في منح إيران أنظمة (S300) التي بدأ التفاوض حولها بين الطرفين منذ ٢٠٠٧م وتم التسليم فقط في ٢٠١٧م بنسخة تصديرية (Export version) تفتقر لكثير من ميز النسخة الأصلية ، تتلكّأ روسيا في إبرام صفقة طائرات (SU35) مع إيران وهي نفس الطائرات التي تنازلت عنها مصر لضغوط أمريكية ، منعت الشرطة العسكرية الروسية في سوريا الحرس الثوري الإيراني من ضرب الجولان إنطلاقاً من التحصينات التي أقامها الإيرانيون في الجنوب بعد حادثة القنصلية الشهير في دمشق دون تفاهم مسبق بين الطرفين ، تواصلت روسيا مع الدولة المصرية خلال الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة لتيسير خروج الإسرائيليين من أصول روسية وسلافية عبر الحدود المصرية مع إسرائيل تمهيدا لترحيلهم إلى روسيا إلي انتهاء الحرب. وللأسف يقابل ذلك تفاني إيراني غير محدود لدعم المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا بما في ذلك توطين صناعة المسيرات (Shahid 136) وكذلك مدها بالصواريخ التي كسرت صمود (كييف) مما أثار حنقاً غربي جديد على حنقٍ قديم على طهران!!. ولكن من يدٍ لا يتعدّى الشعور الروسي الطيب إسرائيل إلى حليفتها الكبرى (الولايات المتحدة) ، ففي حدود لا تضر إسرائيل فالروس يدعمون الدولة الإيرانية على الاقل لسببين.. الأول منع التمدد الأمريكي لآسيا الوسطى والقوقاز ، ثم ثانياً فإطالة أمد الصراع هو مطلب روسي كي يؤثر سلباً على إمدادات النفط والغاز عبر مضيق هرمز إلى الصين كي تزيد معدلات تدفق النفط والغاز الروسيين إلى الصين وهو ما سوف يعوّض الدولة الروسية فاقد مداخيل النفط والغاز الروسيين لأوروبا عبر خطوط يامال(Yamal) و (Nord Stream1) و (Nord Stream2) وهو ما سوف نسهب فيه لدى تحليلنا لحقيقة الموقف الصيني. إنّ مصالح روسيا هنا تكمن في دعم الدولة الإيرانية للصمود لأطول مدى ممكن ودعم قدرتها على إغلاق مضيق هرمز وإدامة أي صراع في هذه المنطقة من العالم أولا لرفع أسعار النفط عالمياً ، ثم ثانياً دخول النفط والغاز الروسيين كبديل لمنتجات الخليج البترولية المارة عبر مضيق هرمز وفوائد قومٍ عند قومٍ مصائب!!. إذن حقيقة الموقف الروسي ينجلي بالتفريق بين سلوكها تجاه إسرائيل وها هنا فهي منحازة لإسرائيل على حساب إيران وسلوكها تجاه الولايات المتحدة وها هنا فهي منحازة لإيران بلا مواربة!!.. نواصل.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.