منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*الحرب الإيرانية-الإسرائيلية.. إنعطافة التاريخ الأخيرة في حقبته الإمبريالية الأمريكية!!.(٥-٧)* ✒️ صهيب حامد

0

*الحرب الإيرانية-الإسرائيلية.. إنعطافة التاريخ الأخيرة في حقبته الإمبريالية الأمريكية!!.(٥-٧)*

 

✒️ صهيب حامد

حسناً.. أما وقد حللّنا في الحلقة السابقة الإستراتيجية الدفاعية والردعية للدولة الإيرانية والتي واجهت بها التحدي الإسرائيلي-الأمريكي ، ولكن وبعد الفشل الذريع الذي مُنيت به الحرب الخاطفة أحسّ الإيرانيون بأهمية تطوير إستراتيجية ردع جديدة كإستجابة لما هو قادم خصوصاً وأن الجميع قد بات يتعامل مع ما حدث في الاثنتي عشر يوماً الفائتة كحرب غير مكتملة (Unfinished War). يقول ديفيد إغناتيوس الصحفي (بواشنطن بوست) الأمريكية والقريب جداً من النخبة الحاكمة في تل أبيب أنّ هذه الأخيرة لديها ما يؤكد بشكل جازم إستحواز الإيرانيين على الخمسمائة كيلوجرام عالية التخصيب (stockpile of highly enriched uranium) ، ويضيف مؤكداً أنه دون إتفاقية نهائية ومحقّقة (verifiable & ironclad agreement) تضمن تفكيك ما تبقى من مشروع إيران النووي وتضمن كذلك التخلص من اليورانيوم عالي التخصيب فإن الحرب سوف تندلع من جديد!!. وهنا كي يكون ديفيد إغناتيوس محايداً وموضوعياً أمام القارئ الغربي يستشهد مستنداً على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية المرفوع لمجلس محافظيها والذي ذُكِر فيه أنه لا يمكن الجزم بأن برنامج إيران النووي على إطلاقه سلمي (Not exclusively peaceful)!!.

ولكن وعلى الرغم من خروج إيران من الحرب بعدة مكاسب أهمها الغموض الذي يكتنف مشروعها النووي (خصوصاً نتيجة الضربة الأمريكية الأخيرة) وهو الأمر الذي وضع إيران في وضع تفاوضي متقدم في ظل حرص الدولة الإيرانية على رفع العقوبات الإقتصادية مترافقاً مع حرص أمريكي على ضمان عدم إمتلاك إيران القنبلة النووية!!. ولكن في ظل حرص إسرائيل لتخريب أي إتفاق إيراني أمريكي يفضي لرفع العقوبات عن إيران ، فهي كذلك أشدّ حرصاً على العودة للحرب سريعاً ولكن ليس قبل أنْ تجد حلاً لمعضلة نفاذ مخزونها من الصواريخ الإعتراضية المغذّية لمنظومتها الدفاعية متعددة الطبقات ، إذ تؤكد كافة المصادر أن إسرائيل قد إستنفدت كافة صواريخ ثاد (Thaad) الممنوحة أمريكياً (١٤٤ صاروخ) في ظل وضع أمريكي مستنزف (٨٠٠ صاروخ في المخازن) وقدرة متواضعة من شركة لوكهيد لتصنيع هذا النوع من الصواريخ الاعتراضية (٥٠-٦٠ صاروخ في العام ) حسب (Military watch magazine ) ،وبالطبع لذلك تأثير جيوسياسي خطير في حال أي إندفاع صيني مفاجئ صوب تايوان وهي التي (أي الصين) لم تستنفد صاروخاً هجومياً واحداً من مخزوناتها الهائلة لعشرات السنين خلون!!. إذن وخلال ذلك يتوجّب على إيران توفير ردع عاجل إستراتيجي (وليس ردعاً تقليدياً أو تكتيكياً) يحقق ترسيخ وقف إطلاق النار الذي تم في ٢٤يونيو ٢٠٢٥م لمنع إسرائيل والولايات المتحدة من تحقيق أهدافهما من الحرب المتمثلة في ضرب المشروعين النووي الصاروخي ومن ثم إسقاط النظام الإيراني الحالي. وهكذا فكلما إستطاعت إيران أن تجد متسعاً من الوقت لإنفاذ ذلك كلما ضاقت فرص كل من الولايات المتحدة وإسرائيل في تحقيق أهدافهما. فليس خافياً أنّ إيران قد حسمت خيارها في الإنتقال من إستراتيجيتها القديمة (الدفاع السلبي والردع الصاروخي التقليدي) إلى إستراتيجيتها الجديدة (الدفاع الإيجابي والردع الصاروخي الإستراتيجي) في ظل توفر إيران اليوم على ما يزيد عن ١٠ طن من اليورانيوم (مايزيد عن ٤٠٠ كيلو من اليورانيوم المخصّب في مستوى ٦٠٪ و٥ طن في مستوى ٢٠٪ وما يقل قليلاً عن ٥ طن في مستوى أقل من ذلك). ليس من سبيل أمام إيران اليوم سوى تحميل عدد محسوب من الصواريخ التقليدية برؤوس مزوّدة بنسبة محسوبة من اليورانيوم المخصّب في مستوى٢٠٪ (السلاح القذر) وإعلان ذلك مع عدم ضرورة إستخدامه (الردع بالذعر) إلّا في حال الإستهداف الإستراتيجي الإسرائيلي للقدرات الإيرانية. بالطبع لا يعدذلك ردعاً نووياً كاملاً ولكنه ردعاً إشعاعياً مهدِداً للحياة في منطقة معينة (ميناء حيفا البعيد نسبياً من االضفة والقطاع ولبنان). بالطبع فإن ذلك يعد تهديداً إستراتيجياً لدولة ضعيفة العمق الجغرافي الإستراتيجي كإسرائيل التي لا يزيد عَرضُها الأكثر إتساعاً عن ١٣٥ كيلو والأقل إتساعاً عن٤٠ كيلو متر!!.

ذلك من يدٍ ، ولكن من يدٍ أُخرى وفي ظل القناعة الإسرائيلية بعدم إكتمال الحرب وفق تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي نفسه الذي يؤكد أن إسرائيل ستواصل الحرب و الضربات الجوية لأنها تمتلك فعلاً المجال الجوي الإيراني وسوف تواصل إستدامة هذا الإمتلاك وهو ما يقتضيها (أي إسرائيل) ضرب أي تحركات لإستيراد أو ترميم أو إنشاء أنظمة دفاع جوي جديدة بإيران (!!) ، وكذلك إستدامة إمتلاك إسرائيل السماء الإيرانية بهدف تدمير القوة البالستية الإيرانية وضرب أي مركز جديد لصب أو خلط الوقود الصلب ، إلى جانب ضرب أيِّ نشاط يستهدف الإستمرار في تخصيب اليورانيوم. إذن فلقد طار وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زادة في اليوم الثاني لدخول الهدنة إلى بيكين وليس من ملف في جعبته سوى الحل النهائي والإستراتيجي لمعضلة حماية السماء الإيرانية ، فلحسن حظ الدولة الإيرانية أنّ الحرب الهندية-الباكستانية المندلعة قبيل حرب الإثنتي عشر يوماً بشهر قد أبانت أنّ ثمةَ سلاحاً غير أمريكي (J10c) إستطاع هزيمة السلاح الغربي (Rafale)!!. لقد سيطرت إسرائيل على السماء الإيرانية طيلة إثنتي عشر يوماً بإستخدام الطائرات الشبحية من الجيل الخامسذ (F35) بدعم من الطائرات (F16) و (F15) ، إلى جانب طائرات الإستطلاع (إيواكس) دون أن تتمكن إيران من فعل شئ بسبب تخلف سلاحها الجوي وأنظمة دفاعها الجوي كذلك وهي كما ذكرنا في الحلقة السابقة أسلحة عتيقة أمريكية موروثة من حقبة الشاه!!. حمل العميد/عزيز زادة العرض الإيراني لشراء ١٠ أسراب (٢٤ طائرة للسرب) من طائرات (J10c) من شركة (Chengdu aircrsft) وهي نفس الطائرات التي إستخدمتها الباكستان لحمل الهند لطلب الهدنة خلال ٥ أيام فقط من الصراع!!. ولكن (J10c) هي طائرات من الجيل الرابع والنصف عريضة المقطع الراداري ، بيد أن الطائرة الرئيسية في الأسطول الإسرائيلي (F35) الشبحية من الجيل الخامس متناهية البصمة الرادارية!!. لكن الحقيقة الأكثر أهمية هي أنّ ال (F35) ليس مصرحاً لها أمريكياً الدخول للأجواء الإيرانية لأسباب إستراتيجية مخافة سقوطها في الأرض الإيرانية وهو ما يعد كنزاً سوف تقوم إيران بمقايضته مع كل من روسيا والصين. تستخدم الطائرة الشبحية الأشهر صواريخ من طراز (AMRAAM) ذات المدى بين ١٢٠-١٨٠ كيلو متر مستهدفة منشآت إيران النووية والصاروخية في سلسلة جبال (زاغروس) غربي إيران دون المجازفة بالدخول لأجوائها لقرب هذه المنطقة الجبلية من الحدود ، أما المنشآت والأهداف التي تقتضي إختراق الأجواء الإيرانية فيتم إستخدام كل من (F16) و ال (F15) لتخلفها بجيلين عن الطائرة الإستراتيجية (F35) بله عدم المخافة من سقوطها بيد الأعداء الإستراتيجيين فهي منذ زمن طويل منحتها الولايات المتحدة لكل من مصر والباكستان القريبين من روسيا والصين على التوالي!!. إذن طائرات (J10c) الصينية سوف يقتصر أداؤها في حماية الأجواء الإيرانية من داخلها فقط بعيدا عن مدى الطائرات (F35) ، وهو ما سوف يجعلها في مواجهة كل من (F16) و (F15) اللتين كانتا تقومان بالإختراق الفعلي للسماء الإيرانية طوال الحرب. ولكن هل تفي طائرات J10c لأغراض حماية السماء الإيرانية متفوقة على (F15) و(F16)؟.. سرعتها ١.٨ ماخ وهي في ذلك تساوي تقريباً سرعة F35 ، مع تفوقها على F16 (١.٦ ماخ) حيث تستخدم الطائرتان الأمريكيتان صاروخ (أمرام) جو جو وأرض جو بمدى بين ١٨٠-١٢٠ كيلو ، بيد أن J10c تستخدم صواريخ PL15 ذات المدي بين ٢٠٠-٣٠٠ كيلو وهو ما يتجاوز مدى كل الصواريخ المستخدمة في الطائرات الأمريكية بما في ذلك طائرات الجيل الخامس!!. بخصوص الرادار وأنظمة الحرب الإلكترونية فتتفوق J10c التي تستخدم الرادار (إيسا ١٤٧٥) بمدى راداري يبلغ ١٥٠ كيلو وهو الأطول ضمن الرادارات المستخدمة عالمياً. فقط ال (F35) التي يتفوق رادارها رادار الطائرة الصينية في عمليات دمج أنظمة الإستشعار َهو ما لا يتوفر في طائرات F16 و F15.

لقد إعترضت الصفقة بين الصين وإيران في ما قبل جملة عوائق عملية منها إشتراط (بيكين) الدفع الفوري بالدولار أو الذهب مقابل المعدات الدفاعية خارج إتفاق النفط مقابل اليوان (Oil\RMB) الساري اليوم بين البلدين. وهنا يجب التنوية للفرق بين الولايات المتحدة والصين فيما يتعلق بالمعدات الدفاعية الإستراتيجية.. الولايات المتحدة لا تمنح تحت أي شروط دولة في الشرق الأوسط عدا أسرائيل أسلحة الجيل الأول ، بيد أن الصين (كمصنع) لا يميز بين زبائنه ، وليس لها من شروط سوى دفع قيمة المعدات عند الإتفاق حاضرة وهي ميزة يتساوى فيها الجميع. إذن ووفق ذلك فليس صحيحاً أن الصين لم تدعم إيران في حربها الأخيرة ولكنها وضعت شروطاً للدفع لم يلتزم بها الإيرانيون الذين إعتقدوا أن بيكين سوف تكون أحرص منهم في مواجهة العدوان الإسرائيلي الأمريكي ولكن يبدو أن الصينيين قد ذهبوا في المناورة مع الإيرانيين بعيدا وهم يدرون إن لا مناص لهؤلاء سوى الرضوخ لشروط الدفع. لقد تيقّن الإيرانيون من الخطر الداهم بعد وقف إطلاق النار فحزموا خيارهم بإستخدام الإحتياطي بالبنك المركزي مبتعثين وزير الدفاع عقب الحرب مباشرة لبيكين هذه الأخيرة والتي يبدو أنها قد إستخدمت الحرب ككرت ضغط على الإيرانيين للدفع دولاراً أو ذهباً.. نواصل.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.