*سيرة إعلام مدني في وداع المذيع الصادق ساتي* د. عبد السلام محمد خير
*سيرة إعلام مدني في وداع المذيع الصادق ساتي*
د. عبد السلام محمد خير
0..أولاد مدني رموز بلد.. و(مدني)أهلها أهل الجزيرة(عيوننا، أرواحنا،سرنا وجهرنا..أنجبت وما برحت، أجمل الناس)..غرد بها وزير الإعلام عمر حاج موسي يوم إفتتاح تلفزيون الجزيرة، فشغل بها الناس.. كان ما شغلني ومازال حكاية (رمزية) ناس مدني هذه!..فهي منظومة ملهمة ..(أولاد مدني) وجودهم لافت، وفراقهم (يَفرِق) – كما حدث الآن برحيل مذيع نعته الولاية للملأ بذات (الرمزية) المدهشة هذه.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
نعاه شعرا ووفاء(عبدالحليم سر الختم) إبن (محراب الآداب والفنون)..الوفاء طابع سيرة أجيال إعلام مدني، فإنساب الآن بين تضرعات بالرحمة للمذيع الشاب الصادق ساتي، عليه رحمة الله،آخر العنقود في منظومة عبدالحليم و(المحراب)..عبدالحليم يستعصم بحكمة الخالق جل وعلا في كتابه الكريم(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ” صدق الله العظيم .. يهدأ خاطرا فيصارحنا (لقد وقع علي وقعا مؤلما جداً نبأ إنتقال الإبن والزميل الإنسان الموهوب الجميل مخرج البدائع والروائع وزعيم المخرجين بإذاعة ود مدني، المغفور له بإذن الله، الصادق ساتي أحمد محمد خير، أحد أركان إذاعة ود مدني..عرفت فيه من خلال عشرة طويلة إنساناً صبوراً كتوماً مسكوناً بحب الإذاعة والعاملين فيها، غيوراً عليها وعليهم، داعياً دوماً وساعياً لتطويرها رسالة وتقنية ولقد خرجت على أيديه أجمل وأروع برامج إذاعة ودمدني)..أفاض عبد الحليم:(العزاء مرسل من باب السلوي والإحتساب لزميلته زوجه، المخرجة الشفاء التي شاركته حياته وشاركته في مهنته وحبه للإذاعة والإخراج، ولإبنهما أحمد، ولآل محمد خير وآل محمد عبد القادر، ولكل زملائه ومستمعيه (إنا لله وإنا إليه راجعون) سائلين له الرحمة والمغفرة والفردوس الأعلى مسكناً مع الأبرار والصديقين،ولا حول ولاقوة إلا بالله ).
*0..إعلام الجزيرة .. (للوفاء حوبة.. وللمعزة مكان):*
إعلام الولايات (حالة سودانية) وحدها.. جمعت بين الإقتراب من الناس، الإنتساب لإرث البلد، وطموحات الأجيال..(ثلاثية) أحس بها وأنا أقرأ عن نجم الإعلام الولائي مهندس صلاح طه، رحمه الله، بقلم الطيب قسم السيد الذى يكتب الآن عن المذيع الولائي الصادق ساتي،رحمه الله: (رفيقاً لأمجاد مهنية مشينا بها وتمثلناها في الله والجزيرة والوطن، ليبقى سجل عطائه الوافر خالداً ما حيينا) رحمه الله وغفر له..ولج المهنة عن حب وإستعداد ذاتي وفطري ومسيرة خاضها بالتدريب والإحتكاك وإكتساب الخبرة، فبرع في كل أنماط الفن الإذاعي، وإرتبط إسمه وسهمه بالبرامج الشهيرة، مع عملاقي البرامج الحية الراحل صلاح طه ودكتورة عواطف سر الختم).
بين السطور أسماء جهيرة تفيض رمزية،منهم صلاح طه،رحمه الله،وعبود سيف الدين،رحمه الله،هما والصادق رحمه الله عنوان لأجيال بصمتهم مشتركة(الهمة والتجرد والمبادرة والزهد والتواضع والإخلاص)..(يحققون رغبة المواطن والحاكم عبر الرسالة المزاوجة بين المحلية والقومية)- قالها الطيب قسم السيد فى (شؤون وشجون) – ليته كان كتابا.
*0.. في حكم الوصية..المواكبة والتوثيق:*
(أيها الضارب في عمق الشجون)..أنشودة عذبة تذكرنا بأسماء نفاخر بها بقيت في الذاكرة منذ إنطلاق إعلام الولاية الرائد هذا،إلى يوم رحيل المذيع الصادق ساتي تاركا بصماته المشرقة هذه،عليه رحمة الله.. نعته حكومة الولاية وأفاض الوالي وله التقدير(كان مثالاً للإلتزام والتميز والإخلاص في أداء رسالته الإعلامية، وترك أثرا طيبا في زملائه وكل من عرفوه).. تلاحق وفاء إعلام الجزيرة، أساتذة له وزملاء نعزهم يوثقون له.. كان مهتماً بالتوثيق للرموز وجاءت آخر رسائله تدعو للتوثيق لجيل الشباب.. سبحان الله..عقب وفاته بادر بتثمين الفكرة بروفسور عبدالمحسن بدوي، المتخصص في الإعلام، فشهد له بأنه(مدرسة متفردة ينبغي أن يوثق لها)..ومضى البروف عمليا(وأنا أدعو طلاب الإعلام بجامعة الجزيرة لدراسة طريقته فى إعداد وتقيم وإخراج البرامج الإذاعية على منوال الإلهام والإتقان والتواصل الوجداني)..إن التوثيق دعوة مودع تذكرنا بما كتبه الأستاذ الطيب قسم السيد،وأفاض فيه الأستاذ عبدالحليم سر الختم، وتجلى سردا المبدع بابكر صديق بقناة(الزرقاء)..فهل من كتاب،مرجع؟.
الآن رحيل مذيع يؤجج الخواطر حول الإعلام الولائي، ما كان وما سيكون..لقد ظل متعلقا بأرض الجزيرة مع أسرته والحرب دائرة..هاتفته صباحاً بمستشفى الشرطة فكان بذات صوته المألوف..حادثت من حوله، عمه الأستاذ يوسف بإدارة تعليم الولاية وإبنه أحمد بالجامعة وأمه بإعلام الولاية، فزادوني إطمئناناً.. الليل جاء مختلفاً..لاحول ولا قوة إلا بالله.. تتجه الأنظار نحو القرآن الكريم والسنة المطهرة (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)- سورة البقرة.. صوت المبشرين يخترق الأجواء(الله جل وعلا يختار لعباده، وهو أدرى بسرائرهم)..(موت الفجأة راحة لمن عمل صالحاً)..البشريات تتجلى فى سيرة الساعين لرضاء الله تعالى بعمل صالح(وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ)- سورة طه.. قال (إبن كثير) إن نبي الله موسى عليه السلام قال ذلك(تعبيراً عن شدة رغبته في رضا الله)..ورد أن الآية (منهج حياة) للتقرب إلى الله تعالى بعمل الخير، ونبي الله موسي عرف بالمسارعة في عمل الخير والرجوع إلى الله تعالي المتكفل بالثواب(فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ)- القصص..عمل خيراً، فحمد، فدعا، فكانت الإستجابة، بما خطر له وأكثر..الآيات (كمنهج حياة) ظلت ملاذ البيت الذى تربى فيه (الصادق) فوالده،عليه رحمة الله، لا تخلو مجالسه منها..ومنها (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)- البقرة، والآية (مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا) – النساء..( لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ)-إبراهيم..القرآن كله (منهج حياة)، (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)-الرعد.
العمل الصالح، برالوالدين، ومعاملات تجبر الخاطر، من خير ما يشهد له به المودعون ..تقبل الله الصادق ورحم والده صديق الاعلاميين ، وألزم والدته أم الاعلاميات الصبر الجميل ف ابن بار بوالديه ، رحمه الله، وبارك في شقيقيه حسن والتجاني وأخواته وأصهارهم والأحفاد والجيران وسكان القرية وأبناء الغابة والأوفياء بالمهجر، ومن كتبوا ومنهم الأستاذ عبد الرحمن عامر الذى نوه لأسر (منارات إعلام الولاية) -آل الشكري،آل قنديل،وآل ساتي والأستاذ خالد الحادو وحرمه المخرجة.. وأعاد تذكيرنا بالصادق رحمه الله (رجل مسكون بحب الخير، الله تعالي إختاره إلى جواره في أيام مباركة، اللهم إجعلها دليل قبول وإشارة رضا) -إنها الهجرة..الحمد لله الذى إصطفى(الصادق ساتي)مهاجراً محتسباً، محاطاً بالتضرع لله جل وعلا أن يجعل الجنة مقره ومثواه.. نعزي فيه إعلام الولاية الرائد ، عنوان كسبه الباهر وذكراه الملهمة الحمد لله وعلى رسوله الصادق الأمين أتم الصلاة والسلام.
*د.عبدالسلام محمد خير*