بقلم: عوض الله نواي *والله… تشوفوا شعاع*
بقلم: عوض الله نواي
*والله… تشوفوا شعاع*
“في الحرب… لا تنتصر القلوب الطيبة، بل العقول التي تعرف متى تُخفي سيفها، ومتى تلمع به في وضح النهار.”
ـ فن الحرب
“لا أحد يربح الحرب… لكن أحدهم يخرج منها بأقل الخسائر وأكثر الكبرياء.”
ـ محمود درويش
نحن في زمنٍ تُقاس فيه قيمة الإنسان بقدرته على النجاة من الخيانة، لا بالركض نحو النصر.
زمنٌ اختلط فيه الشعاع الصادق بضوء المؤتمرات، وعبير البارود برائحة الوقود المدعوم.
لكن، هناك رجال لا يخدعون بالبريق، لأنهم شمّوا النار الحقيقية، ولم يحكِ لهم أحد عنها.
رجال يعرفون أن “الشعاع” لا يُرى إلا من زاوية الجبهة، لا من خلف المكاتب.
حين نذكر عبد الله جنا، فنحن لا نُحلّل موقفًا، بل نحكي سيرة جنديٍّ نَبَت من شوك دارفور، وسقى بندقيته بعرق الولاء، لا ماء التفاوض.
ولد في “شقيق كرو”، حمل البندقية حين حمل غيره مكبرات الصوت،
قاتل في الصحراء الكبرى في حرب “التويوتا”، وقاد معارك الجيلي، الدندر، أم درمان، الفاو، والفاشر.
وحين سقطت الخرطوم، سقطت في يد مليشيا لا تعرف حدودًا للدم،
فبقي جنا في الحياد ستة أشهر، لا ترددًا، بل تأمّلًا في مصير البلاد.
ثم اختار الانحياز… لا للحكومة، بل للكرامة.
لا للمناصب، بل للتراب.
فهل بعد كل هذا يأتي من يتطاول؟
هل تُشكك أقلام مرتزقة ممولة من تجار الأزمة وتُجّار الوقود، في نبل حركة العدل والمساواة؟
هل يُشهرون سيف الفتنة في وجه من أسندوا الجيش حين تخاذل آخرون؟
هل ننسى أن المليشيا تسعى إلى تفكيك الجبهة الداخلية، لا بالقوة، بل بسمّ الشائعات؟
إن فرّطتم في هذه الحركات، أنتم لا تفرطون في بندقية فقط… بل في درع الجبهة وصوت الأرض.
الحرب لم تنتهِ بعد.
والذين يكتبون البيانات من خلف الشاشات لم يسمعوا بعدُ صوت الجريح وهو يهمس: “ما تموتني ساكت…”
ولم يروا الأطفال في زمزم وهم يحملون التراب في أيديهم، كأنهم يجمعون الوطن من جديد.
لا تصدّقوا من يتحدث عن السلام، بينما المليشيا تُحاصر الفاشر، وتنهش ما تبقّى من دارفور.
في الحرب:
“لا تُرهق نفسك بالجدال مع الخونة… بل أرهقهم بالصمت الذي يسبق العاصفة.”
ـ فن الحرب
وفي الشعر:
“سنُحبّ الحياة غدًا… حين يأتي الربيع، ونُدخِل في البيت ظلّ الشهيد.”
ـ محمود درويش