*أسبوعان والخرطوم خالية من الفرق المسلحة* .. بقلم د.إسماعيل الحكيم.
*أسبوعان والخرطوم خالية من الفرق المسلحة*
.. بقلم د.إسماعيل الحكيم.
*Elhakeem.1973@gmail.com*
مما لا شك فيه.. أن بسط الأمن من أجلّ مسؤوليات أي حكومة.. ففي لحظة فارقة من عمر الوطن، وفي ظل تعقيدات المشهد الأمني بالعاصمة الخرطوم، جاء قرار الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، بإخلاء العاصمة من أي وجود للفرق العسكرية خلال أسبوعين، ليبعث رسالة حاسمة وواضحة أن الدولة عائدة، والخرطوم لا تحتمل عبثاً أكثر مما كان .
هذا القرار الذي صدر ضمن أعمال لجنة تهيئة البيئة لعودة مؤسسات الدولة والمواطنين إلى الخرطوم، لا يُقرأ باعتباره خطوة إدارية أو إعادة انتشار عسكري آخر ، بل هو إعلان ناضج عن بدء مرحلة جديدة عنوانها سيادة القانون وفرض هيبة الدولة وتحت سقفها تعود للمؤسسات الرسمية كامل ولايتها، وتُسحب البساط من تحت أقدام المتنطعين والمتسللين خلف رايات زائفة ومجهولة ..
لقد شهدت الخرطوم في الأشهر الماضية تمددًا خطيرًا لبعض المجموعات العسكرية، وتواجدًا غير منضبط لفرق مسلحة، استغلت حالة الهشاشة الأمنية، فمارس بعضها الابتزاز واستظل البعض الآخر بانتماءات وهمية إلى حركات مسلحة أو مؤسسات نظامية دون سند قانوني أو شرعي لترتفع معدلات الجريمة بصورة مزعجة ، حتى غدا الأمن في العاصمة في لحظات معدوماً وفي بعضها عرضة للارتجال والمزاج، وأضحى بعض المواطنين أسرى لممارسات لا تمت للدولة ولا لأجهزتها بصلة من قبل أشخاص لا يرقبون في مواطن إلّاً ولا ذمة ..
ومن هنا، تتجلى أهمية هذا القرار كونه لا يكتفي فقط بإخلاء العاصمة، بل يضع المسؤولية الكاملة عن الأمن في يد الجهات المنوط بها ذلك دستوريًا ومهنيًا كالشرطة، والجيش، وجهاز الأمن والمخابرات. إنه تفويض مباشر، واستنهاض للهمم، ورسالة للشارع أن الخرطوم ليست ساحة مفتوحة للعشوائية، بل عاصمة يجب أن تُدار وفق القانون، وتُحمى بمنطق الدولة، لا بنزوات السلاح المتفلت.
ولعل تحديد سقف زمني لا يتجاوز أسبوعين لهذا الإجراء يعكس جدية القرار ويؤكد أنه ليس حبرًا على ورق إنما عملية مدروسة، ذات أبعاد أمنية وسياسية، تمضي بخطى واثقة لإعادة الخرطوم إلى وضعها الطبيعي كعاصمة لدولة لها مؤسسات، ومواطنيها يستحقون الأمن والكرامة.
قرار البرهان هذا، إن نُفذ وتمّ الالتزام به كاملاً، سيكون بمثابة نقطة تحول كبيرة في مسار الحرب والسلام، وفي استعادة الثقة المفقودة بين الدولة ومواطنيها. فالخرطوم ليست مدينة كسائر المدن ، بل هي قلب الوطن النابض وعموده الفقري وعودتها للحياة النظامية تعني بدء عودة السودان كله إلى مساره الصحيح بإذن الله وبالله التوفيق ..